3- إدراك حلم عَدن
إذا كان للعالم أن يمسي الآن نباتياً بأكمله، ستظهر آثار هذا التغيير الحسنة في غضون ما يقارب ستين يوماً، أي ثمانية أسابيع. سنشهد في ثمانية أسابيع فقط تأثيرات سريعة ومباشرة، وسترون بالتأكيد نتائج فورية، ولكن من أجل رؤية الصورة الكبيرة كاملةً سنتمكن من تحقيقها في غضون ثمانية أسابيع قصيرة.
في ثمانية أسابيع ستتوقف جميع الكوارث. تلك هي الطريق التي خُلِقت بها الجنة، وإلا فماذا تعتقدون؟ ومن أين أتت الجنة؟.. إن الجنة مكان يتصرف فيه الجميع بنفس الطريقة، ولا أعني بذلك التّشاكل في السلوك، بل في ذات سوية الرأفة، وسوية الحب، ومستوى المعرفة الروحية والاستيعاب، ومستوى النبل ذاته. إن ذلك ما هي عليه الجنة.
ستنزل الجنة لملاقاتنا إذا كنا نصعد لملاقاة معاييرها. وإذا أدرك الجميع هذا وبدأنا بخطى صغيرة، بل بخطوة واحدة فقط؛ خطوة واحدة هامة جداً تقرر مصير الكوكب، وهي الخطوة النباتية، وسيأتي إلينا كل شيء بعدها من غير أن نسأل. إذا كنا رحماء ستأتي الرحمة إلينا، فإن القانون الكوني لا يخفق أبداً.
ستتحول الطاقة الإجرامية السلبية الرديئة إلى طاقة خيّرة مفرحة وباعثةٍ على الراحة؛ خيّرة لكل سكان الكوكب بمن فيهم الحيوانات، ولكن للبشر في المقام الأول.
وما نوع كوكب الأرض ذاك الذي سنعيش فيه؟ ستكون جنة عدن من جديد. سنحظى بسلام عاجل وإدراك مفاجئ للتماثل بين كل الأمم، وبين كل البشر،وبين كل البشر والحيوانات. سيبزغ فجر ذاك الإدراك علينا ولن يكون هناك داعٍ للشرح وسوف يستوعب الناس فجأة أننا سواسية، وإننا متساوون وكل رفقاء العيش وجميع الحيوانات، وستحظى الأشجار والنباتات أيضاً باحترام البشر.
إذا غيرنا طريقة عيشنا إلى أسلوب ذي طبيعة سماوية أكثر، سيستيقظ حينها الذكاء السماوي في داخلنا من جديد وسيكون لدينا قائمة غير منتهية من الابتكارات والأشياء المفيدة ووسائل الراحة في متناول اليد؛ سيكون لدينا سيارات طائرة، ولا أقصد بالشكل الذي يفعلون به ذلك الآن فقط بل أكثر ملائمة وراحة، وقد نملك فقط أحزمة للطيران كباقي الكواكب.
سيتجاوز فهمنا العلمي والتكنولوجي أيضاً حدود الأرض، حيث نستطيع في جو راقٍ تعمه الرأفة أن نتواصل مع أناس متحضرين آخرين من باقي الكواكب وأن نتعلم منهم ونتبادل معهم المعارف.
ستملك كل أمة كفايتها من الموارد بشكل طبيعي وسوف تتبادل المساعدات فيما بينها بكامل الإخلاص والمحبة. إن هناك أنظمة كالتي ذكرت لا تتعامل بالنقود، واستند في حديثي هنا على ما رأيته في المجتمعات المتطورة جداً في الكون، كما حال الكواكب التي تحدثنا عنها. لا يعود الأمر إلى النظام المعتمد بحد ذاته بل إلى الناس هناك ومفهومهم عن الحياة، إذ يجب بدايةً أن يتغير مفهومنا عن المجتمع؛ فحالما يتحول الناس إلى نظام اجتماعي أكثر وداً وترابطاً وأشبه بالعائلة العالمية، سيتحقق ذاك النوع من نظام المقايضة تلقائياً.
سيحب الجميع بعضهم وسوف يتشاركون المحبة والإعجاب والمشاعر، وستكون لدينا حياة أكثر سعادة وأناساً أقل تعاسة، وسوف تتناقص أعداد المشردين أو تنتهي، وتتراجع أعداد الأطفال الجياع أو تختفي، وتقل الأمراض أو تنتفي تماماً. وستكون الحيوانات محميةً: فلا مزيد من أكلة اللحوم بل بشرٌ يأكلون الطعام النباتي أو النباتي الصرف فقط.
سيحيي الناس بعضهم بالابتسام كل يوم، ولن تكون هناك تنافسية بينهم في العمل: حيث سيدع كل فردٍ الآخر وشأنه، ويسود الحب والصداقة فقط. فكلما عَلَتْ درجة وعي كوكب ما عَلَتْ شدة ذاك النوع من طاقة المحبة والحنان.
أن يتّبع البشر أسلوب العيش النباتي الصرف حول العالم هو تقدّم في صالح الرحمة سيرتقي ويوحّد جميع الثقافات، جالباً الهدوء والصفاء للإنسان كما الحيوان على حدٍ سواء. إن السلام الداخلي الذي يتأتى من استبدال القتل باحترام جميع أشكال الحياة سيمتد كموجة عبر العالم أجمع مرتقياً بقلوب البشر، جاعلاً على الأرض جنةً للانسجام والتناغم. سيأخذنا ذلك جميعاً إلى عصرٍ ذهبي دائم.